اسليدرالتقارير والتحقيقات
أستاذ علوم: محلات الكيماويات والأحماض “قنبلة موقوتة”.. والجمارك “لا حياة لمن تنادي”
كتب : مينا ميلاد
يراوده شعور غريب منذ لحظة استيقاظه ، لا يفهم تفسيره ، كل ما يجول فى ذهنه هو عدم خروجه اليوم من المنزل ولكن هل سيُطعمك شعورك هذا ان لم تذهب لعملك ؟ سؤال طرحه لنفسه
مجاوباً نفسه ، تشجع و قُم لتذهب الى عملك ولتتفائل خير باذن الله
واخيراً ها هو قد وصل الى مكان العمل مقاوم هذا الشعور الخفى
يعمل فى ” الصاغة ” ( مكان تصنيع الذهب ) بحارة اليهود الشهيرة التابعه الى محطة بـاب الشعرية ، يطعم ” جاكس “جروه الذى تبناه من الشارع والذى تم الشهر الخامس ، و من ثم و كعادته بدأ العمل ، نسى هذا الشعور السخيف الذى لا يعلم مصدره التهى فى ما يفعله ، العمل بالنسبة له كان الهروب من ارض الواقع الكئيب بكل مشاكله ، يتقن ما يفعله اتقاناً مطلقاً على الرغم من صغر سنه الذى لا يتعدى الواحد و عشرون عاماً ، الا انه احب تلك المهنة منذ اول يوم بدأ العمل بها و اليوم هو يعمل بها بعد اتمامه اربعة سنوات فى هذا المجال .
بينما هو يعمل ، ذهب لجلب اناء يحتوى على مادة تدعى “اتش اف ” تستخدم فى تنظيف و تخليص الذهب من الشوائب ، تساقط منها البعض على ذراعه الايسر ، هرج و مرج ، بدا يتصرف كالمجنون الى ان حضروا زملاءه الذين لم يكونوا سوى على بعد امتار منه ولكن كان هذا بعد ان قامت تلك المادة باذابة الجلد المحاط بعضمتى الساعد ، و” حين يجتمع الجهل و الرعب فى وقت واحد ، تحدث اعظم الكوارث ” كانت مساعدة زملاءه بمثابة عملية انتحارية له ، ففى تلك الاثناء التى يقوم فيها الجلد بالذوبان قام احدهم ليطفى نار صديقه بالماء ، وجاء نتيجة عملية الانقاذ تلك ذوبان بقعة من الجلد اكبر مما كانت تبدوا عليه بالاضافة الى اربعة ثقوب فى عضمتى الساعد .
و على هوامش القصه
” جاكس ” الذى كان يجلس تحت ارجل من يحنوا عليه دائماً ، والذى كان دائماً ما يتم ربطه بسلسلةُ نظراً لاعتراض البعض على تجوله فى المصنع ، ووسط كل هذه الفوضى العارمة سُكب عليه تلك المادة دون قصد ، فتحلل بشكل كلى ، لم يتبقى منه اى شئ ، حتى سلسلته تاكلت بصورة جعلتها تبدو مترنحة حيث انها لا تلمس الارض بعد .
ومن خلال رصد ” العالم الحر “
الاماكن التى تُباع بها تلك المواد فاتضح وجود ما يشبه بسوق لتجارة الاحماض و الكيماويات فقط ، و لم يقتصر الامر على تلك المادة فقط بل ايجاد العديد من المواد السامة و الكاوية كامثلة ( سيانيد الصوديوم ” و المشهور شعبياً باسم ملح السينور ” ، فلوريد الهيدروجين “..” ، احماض الكبريتيك ، احماض النتريك ، كلور مُركز ، سيانيد البوتاسيوم ) هذا بالاضافه الى العديد من العناصر الاخرى .
تقع تلك المحلات فى ” باب الشعرية ” شارع الجيش امام المترو مباشرةً ، محاطةُ بقسم باب الشعرية !!
وخلال جولة ” العالم الحر “
اكتُشف علم البائعين جميعاً بحظر هذه المواد و خطورتها على الاجسام ، فحين مواجهة اربعة محلات منهم و الكشف عن هويتنا رفضوا رفضً تاماً البوح باى شئ اضافةً الى التهديدات التى تلقيناها ،
وهؤلاء الاربعة باسمائهم هُم ” الصفا – مروان – النجمة – السعد ” .
احمد ” وهو احدى العمال فى هذا المجال “: قال ” محدش هنا هيرضى يفيدك علشان كله قلقان مش اكتر و اذا كان على المواد اللى انت بتسال عليها ف كلها عندنا بس محدش هيديك عقاد نافع و زجاجة ال اتش اف ب 50 جنيه ، بس المادة دى اخطر من مية النار بذات نفسها دى لو جت على العضم بتسيحه فـمبالك بقى الجلد ، انما ملح السينور فعلا مش عندنا دلوقتى خلصان !! و برضو هو مصنف ضمن المواد السامه ، بنبيعه ب الكيس على حسب اللى عايز و اللى عايز شوال .. كده يعنى على حسب الكمية انما هو رخيص عمتاً ال اتش اف اغلى منه ، انا ببيع بس انما المواد دى بتيجى منين الله اعلم ، اللى بيشترى لينا المواد دى صاحب المحل و محدش بيساله بيجبها منين علشان مبيقولش و فى نفس الوقت انا كعامل هنا مش فارق معايا اعرف بصراحة .
دكتور فتحى احمد ياسين ، استاذ الكيمياء العضوية ، بكلية العلوم جامعة الزقازيق ، قال : تعتبر مادة ال اتش اف او علمياً تسمى ” فلوريد الهيدروجين ” تندرج تحت نوع يسمى بالسموم الاكاله سريعة التفاعل بتاثيرها الكاوى الكامل ، و هى من المواد الحامضية ، وتاتى فى قوتها مباشرةً تحت مادة ” الماء الملكى ” وذلك نظراً لانه يتكون من الفلور و هو اقوى العناصر السالبية الكهربائية ، لذلك فتاثيره الاكال قوى ، و ياتى بعده فى القوى احماض الكبريتيك و يليهم احماض النتريك و من ثم الكلور المُركز .
واضاف الاستاذ الجامعى ،اما بخصوص سيانيد الصوديوم او بما يشاع به ملح السينور فهذه الماده تستخدم للتسمم المباشر ، ونرى هذا فى اصطياد الاسماك بصورة مفزعة باستخدام سيانيد الصوديوم ، فهذه المادة تقوم بعزل الاكسجين عن الوصول للخلايا وعضلة القلب و المخ مما يتسبب فى اختناق داخلى فى وقت قليل جداً اعتماداً على تركيزه كصفه اساسية .
* ما هى الاستخدامات الاساسية لتلك المواد؟
تستخدم مادة فلوريد الهيدروجين فى تكرير النفط ، وتدخل بنسب معينة فى صناعة الزجاج ، عدم تفاعلها مع الدهب لذلك تستخدم ايضاً فى الكشف عن الذهب
هذا بالاضافة الى ان سيانيد الصوديوم ايضاً يستخدم فى الكشف عن الذهب
و كل هذه الاستخدامات هى الاستخدامات الشائعة ، و من ناحية اخرى تستخدم فى العديد من التدخلات والتجارب الكيميائية لكلاً من المادتين
واخيراً يستخدما من قبل معظم شركات الادوية بنسب محددة جداً
* ما رايك فى تداول مادة سيانيد الصوديوم بصورة عشوائية ؟
يفترض ان هذه الماده غير متداوله للعامة ، وتاتى عن طريق قدرة الشخص على معرفة اضرار مثل هذه المادة ، وتحديداً الصيادين
فهم يريدون اصطياد اكبر كمية من السمك دون معرفة ما هى الاثار التى ستعود عليهم هُم شخصياً ان تناول السمك جرعة كبيرة من السيانيد ، وحدث لاكثر من مرة حالات وفاة بسبب اكلات مسممه ابرزها كانت الاسماك .
* ما هى اضرار تلك السموم على المدى البعيد ؟ ام يتخلص منها الجسم ان كانت الكمية غير قاتلة ؟
على المدى البعيد و حتى ان لم تسبب الوفاة فى الحال فهى تهلك الكبد بصورة واضحة و من ثم تتحول الى امراض الكبد و الكلى
* هل تمتلك الدولة الامكانية لتكرير وتنقية المياه المسممه بسيانيد الصوديوم ؟
هناك العديد من الطرق للكشف عن تلك المواد وبسهوله ولعل ابسط مثل لتلك الاجابة هو الطبيب الشرعى و الادلة الجنائية لديها الامكانية لمعرفة جميع انواع السموم .
اما عن التنقية فالامكانية موجودة بالفعل ، فان تعيد تحلية مياه الصرف الصحى مرة اخرى هذا خير دليل
* من اين تاتى تلك المواد ؟ تنتج بمصر ام تستورد من الخارج ؟
يوجد العديد من شركات الاستيراد و التصدير للمواد الكيميائية التى تستورد الكيماويات بصورة كبيرة جداً ، و تحديداً الهند تعتبر فى المركز الاول المُصدر لمصر الكيماويات ، فجميع المحلات التى تقع بشارع الجيش هى نتاج مصغر لتلك الشركات .
هل تعلم الدولة بدخول تلك المواد وتداولها بهذه الصورة ؟
يفترض ان يكون الحجر الصحى فى المطارات والجمارك على دراية بكل هذة المواد ، هذا بالاضافة الى المعامل الموجودة بالجمارك و التى تحتوى صيادلة و بيطريين ويفترض ان اى ماده غير مطابقة للمواصفات القياسية ، فعلى سبيل المثال ” السعودية ” تمتلك اعلى مواصفات فى العالم للاستيراد بالاضافة الى ان معاملها على اعلى مستوى ، كل المواد حتى و ان كانت بلاستيكية يجب ان تُفحصِ فحصٌ تامٍ انا للاسف فى مصر تتم الامور بالطريقة المتداولة السهلة والاساليب المعروفة .
* هل يوجد قوانين تمنع دخول تلك المواد ؟
القوانين المصرية من اشد القوانين فى العالم وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها ، حتى قانون المرور ايضاً من اشد قوانين المرور فى العالم .. لكن التهاون فى تنفيذ القانون هو السبب الرئيسى الذى ادى الى هذا التسيب
* فى رايك كيف يتم حل تلك المشكلة ؟
اولاً: لا بد ان تخضع كل هذه المواد للفحص و الاستخدام ” ما سبب مجيئها ؟ ”
ثانياً : توجه مباشرةً للمستخدم فى محل عمله
ثالثاً : تحجيم صورة الاستخدام حتى لا تتداول بصورة او باخرى ” يجب دراسة احتياجات التجار و ذو الصناعات التى تُستخدم لتلك المواد ”
التقنين هو الحل الامثل لتلك المواد ، ولكننا نحتاج الى تشريعات قوانين ، مواد محظورة تُمنع من حظر الدخول الا لغرضً معين ،
رابعاً : لابد ان يكون الاسم العلمى لها معروفا وليست تحمل اسم مستعارً ” اى تعطى الشركات المصدرة للمعمل المصرى المواد المتداخلة فى التكوين الكيميائى دون اختصارات كتابية غير مفهومة او معروفة “